صلاح جاهين.. أيقونة مصر وشخصية معرض الكتاب
شاعر ورسام كاريكاتير وسيناريست مصري، التحق بكلية الفنون الجميلة، وتركها ليلتحق بكلية الحقوق بناءً على رغبة والده، الذي كان يعمل بسلك القضاء. قدّم أعمالًا خالدة جعلت منه أيقونة في عالم الشعر والكاريكاتير العربي، إنه الشاعر الكبير “صلاح جاهين”، الذي تحتفي به وزارة الثقافة المصرية هذا العام، فوقع عليه الاختيار ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 54.
ولد محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي، المعروف بـ”صلاح جاهين”، في الخامس والعشرين من ديسمبر لعام 1930م، في شارع جميل باشا في شبرا مصر، والده المستشار بهجت حلمي الذي كان يعمل في السلك القضائي، والذي بدأ كوكيل للنائب العام، وتدرّج في سلك القضاء، إلى أن وصل لرئاسة محكمة استئناف المنصورة.
درس “جاهين” الفنون الجميلة، ولكنه لم يكمل الدراسة بها، حيث التحق بكلية الحقوق، وكتب أولى قصائده عام 1936م، في رثاء شهداء مظاهرات الطلبة في المنصورة، ولم تظهر موهبة الرسم الكاريكاتيري عنده إلا في سن متأخرة، وكان لعمل والده في سلك القضاء دور كبير في مشواره الإبداعي، حيث تأثر به كقاضٍ يجوب المحافظات في معرفته بنمط حياة ولهجات مختلفة في أقاليم مصر.
مثّلت رباعيات صلاح جاهين عملًا مُتفردًا في تاريخ الشعر المصري، فقد كتبها في صورة تأملات عقب نكسة 5 يونيو عام 1967م، وكان لها تأثير كبير على الأمة العربية بشكل عام، وكان تأثيرها خاصًا جدًا على “جاهين” والتي يعزوها الاكتئاب الحاد الذي تسبب في وفاته في سن مبكرة، ويعزوها البعض لكونها السبب الأول في إصابته بنوبة اكتئاب حادة أنهت حياته.
بدأ صلاح جاهين حياته العملية في جريدة “بنت النيل”، ثم جريدة “التحرير”، وفي هذه الفترة أصدر أول دواوينه “كلمة سلام” عام 1955، وفي منتصف الخمسينيات بدأت شهرته كرسام كاريكاتير في مجلة “روزاليوسف”، ثم مجلة “صباح الخير” التي شارك في تأسيسها عام 1957، واشتهرت شخصياته الكاريكاتيرية مثل: قيس وليلى، قهوة النشاط، الفهامة، درش وغيرها من الشخصيات.
أنتج “جاهين” العديد من الأفلام الخالدة في تاريخ السينما، مثل “أميرة حبي أنا” و”عودة الابن الضال”، وكتب سيناريو فيلم “خلي بالك من زوزو”، والذي يُعتبر أحد أكثر الأفلام رواجًا في السبعينيات، إذ تجاوز عرضه حاجز الـ 54 أسبوعًا متتاليًا، كما كتب “شفيقة ومتولي” و”المتوحشة”. ومثّل في أفلام “شهيد الحب الإلهي”، 1962م، و”لا وقت للحب” 1963، و”المماليك” 1965.
كانت الرباعيات درّة أعماله الفنية والتي حفظها معاصروه عن ظهر قلب، لتتجاوز مبيعات إحدى طبعات الهيئة المصرية العامة للكتاب لها أكثر من 125 ألفًا خلال أيام قليلة، ولحنها المُلحن الراحل سيد مكاوي، وغناها الفنان علي الحجار.
كان الخامس من يونيو 1967 حدثًا فارقًا في حياة الأديب الراحل، توقف على إثره عن كتابة الأغاني والأناشيد الوطنية، واتجه إلى الكتابة في اتجاهين الشعر التأملي كما في الرباعيات والأغاني الخفيفة، وكان أشهرها أغنية سعاد حسني “يا واد يا تقيل” وغيرها، وكان ملحن هذه الأغاني الموسيقيّ الكبير كمال الطويل الذي كان يلحن أغانيه الوطنية، وكان آخرها “راجعين بقوة السلاح” التي اعتبرها صلاح سبب كآبته لأن أم كلثوم غنتها عشية النكسة، وتحطمت كلماتها على صخور الواقع إثر الفاجعة في 1967م.
وتوفى الشاعر العظيم صلاح جاهين 21 أبريل عام 1986، وهو لم يتجاوز السادسة والخمسين من العمر، مخلّفًا وراءه ثروة فنية هائلة تمثلت في مئات القصائد والأفلام السينمائية ورسوم الكاريكاتير.